أهم التغيرات التي تحدث في عمر إنقطاع الطمث و كيفية التعامل معها

أهم التغيرات التي تحدث في عمر إنقطاع الطمث و كيفية التعامل معها

 إنقطاع الطمث menopause ما أسبابه و متي يبدأ؟

هو مرحلة عمرية تمر بها السيدة يحدث فيها إنقطاع طبيعي للدورة الشهرية بالإضافة إلي مجموعة من الأعراض الفسيولوجية التي تحدث نتيجة إنخفاض طبيعي لوظيفة المبيض و بالتالي إنخفاض انتاجه للهرمونات الأنثوية "الإستروجين" و إنخفاض القدرة علي الإنجاب.
و يُعرف سن اليأس (سن إنقطاع الدورة الشهرية) بأنه مرور 12 شهر متواصلة دون نزول الدورة الشهرية. و الذي يحدث في أغلب النساء ما بين عمر 45 - 55 عام أي في المتوسط حوالي 50 عام و نادرًا ما تصل النساء إلى سن اليأس في سن الأربعين أو في سن الستين. تميل النساء اللواتي يدخن السجائر إلى انقطاع الطمث في وقت مبكر مقارنة بالنساء غير المدخنات.  كما يمكن أن يصيب انقطاع الطمث المبكر النساءَ اللاتي لديهن تاريخ عائلي بانقطاع الطمث المبكر.

فترة ما قبل انقطاع الطمث "الفترة الانتقالية" Premenopause

و هي الفترة التي تسبق إنقطاع الطمث و خلال هذه المرحلة يستمر المبيضان في العمل، و لكن وظيفتهما تبدأ في الإنخفاض. و لا يزال من الممكن حدوث الإباضة و الحمل حتى لو ظهرت علامات انقطاع الطمث وذلك حتى تمر المرأة بسنة كاملة دون دورة شهرية مع ملاحظة أن أعراض ما قبل انقطاع الطمث لا تنتهي دائمًا بعد انقطاع الطمث. حيث لا تزال العديد من النساء تظهر عليهن الأعراض لعدة سنوات بعد انقطاع الطمث. و تختلف مدة المرحلة الإنتقالية من سيدة لأخري فبعض النساء تمر بها بشكل أسرع من غيرهن. حيث يمكن أن تستغرق أعراض المرحلة الانتقالية من سنتين إلى عشر سنوات قبل أن تصل المرأة إلى سن اليأس.

و مع انخفاض مستويات إفراز الهرمونات، تلاحظ غالبية النساء علامات انقطاع الطمث و التي تختلف من امرأة إلى أخرى و تشمل ما يلي:

• عدم إنتظام الدورة الشهرية و هو من أشهر الأعراض بحيث تصبح الدورة الشهرية أكثر تواتراَ و أطول في المدة، ففي البداية قد يقل طول الدورة فبدلاً من أن يكون طول الدورة 28 يومًا، تصبح 24 أو 25 يومًا أي تقترب الدورات من بعضها. و قد يزداد عدد الأيام التي تنزفين فيها و قد يصبح الحيض أكثر غزارة فإذا كانت مدة الدورة خمسة أيام فقد يستمر نزول الدم لمدة ستة أو حتى سبعة أيام بدلاً من ذلك . مع ضرورة استشارة الطبيب إذا أصبحت مدة الدورة الشهرية أقصر من 21 يومًا أو استمر النزيف لأكثر من سبعة أيام او في حالة وجود نزيف بين الدورات الشهرية. و مع مرور الوقت وفي وقت لاحق من المرحلة الانتقالية ، تبدأ دوراتك الشهرية في التباعد حيث تأتي دورة كل ثلاثة أو خمسة أو ستة أشهر و يستمر هذا حتى يتوقف المبيضان عن إنتاج البويضات و يحدث ما نطلق عليه آخر دورة شهرية أو سن اليأس أي مرور 12 شهرًا متتالية بدون أي دورة.

و خلافاَ لمرحلة ما قبل إنقطاع الطمث التي يشيع فيها نزول دم مهبلي بشكل غير منتظم فإن أي نوع من النزيف المهبلي بعد انقطاع الطمث يعد أمرًا ليس طبيعيًّا و يجب مراجعة الطبيب على الفور.

• الهبات الساخنة من الأعراض الشائعة في وقت إقتراب سن اليأس و هي عبارة عن إرتفاع مُفاجئ و مؤقت في درجة حرارة الجسم يمتد من 30 ثانية إلى 10 دقائق، خاصة حول الوجه والرقبة وكذلك الصدر أو الذراعين أو الظهر مع احمرار الجلد في هذه المناطق و يتبعها عادة تعرق و قشعريرة. قد تبدأ الهبّات الساخنة قبل حدوث اضطرابات الدورة الشهرية و قد تستمر لمدة تصل إلى 10 سنوات، لكنها تختفي بعد 5 سنوات في 80٪ من النساء.

• التعرق الليلي

• تغيرات في المزاج و العصبية و قد تصبح السيّدة أكثر عرضةً للاكتئاب.

• صداع

• تساقط الشعر و ظهور شعر في أماكن غير مرغوبة كالذقن و ذلك نتيجة لزيادة هرمون الذكورة بالنسبة لهرمون الأنوثة الذي يتناقص في هذه الفترة.

• الأرق و اضطرابات النوم.

• صعوبة في التركيز.

• جفاف المهبل. يؤدي انخفاض مستويات هرمون الاستروجين لإنخفاض تدفق الدم إلى المهبل ، مما يسبب جفاف المهبل الذي يسبب حكة، حرقان، إفرازات ممزوجة بدم, ألم أثناء الجماع و زيادة فرص العدوي المهبلية.

• نقص الرغبة الجنسية.

• سلس البول و الحاجة المُلحة للتبول حيث يتسبب نقص هرمون الإستروجين فقدان مرونة أنسجة و عضلات الحوض مما يؤدي لفقدان السيدة قدرتها علي التحكم في عملية التبول و يؤدي كذلك لزيادة فرص الإصابة المتكررة بعدوى في الجهاز البولي.

• زيادة الوزن و بطء معدلات الأيض.

• نقص كثافة العظام "هشاشة العظام".

• جفاف الجلد.

التشخيص

لا توجد وسيلة للتنبؤ مسبقاً كم ستستغرق المرحلة الإنتقالية و تحديد وقت حدوث سن اليأس بدقة. حيث لا يمكن تشخيص سن اليأس إلا بعد مرور 12 شهرًا دون حدوث دورة شهرية.
و في معظم الأحيان لا تحتاج السيـدة إلى فحص دم لتشخيص فترة ما قبل انقطاع الطمث. على سبيل المثال، إذا جاءت امرأة تبلغ من العمر 48 عام وكانت تعاني من هبات ساخنة أو كانت فترات دورتها الشهرية غير منتظمة، فهذا يعني أنها في فترة ما قبل انقطاع الطمث.
و لكن عندما تظهر هذه الأعراض في وقت أبكر من المعتاد قبل الأربعين مثلاَ، فستحتاج السيـدة لفحوصات الهرمون المنبه للجريب "إف إس إتش" (FSH) والإستراديول "إي 2" (E2) لإستبعاد حدوث حالة مرضية تُسمي "فشل المبيض المُبكر"  أو  "سن اليأس المُبكر" و هو فشل المبايض في إنتاج المعدلات الطبيعية من الهرمونات التناسلية جراء عوامل وراثية أو أمراض المناعة الذاتية. ولكن غالبًا لا يكون هناك أسباب لسن اليأس المبكر. و التحقق من وجود أسباب لذلك مثل إزالة المبايض جراحياَ أو التعرض للعلاج الكيميائي للسرطان أو العلاج الإشعاعي علي منطقة الحوض. و إجراء فحوصات لإستبعاد التشخيصات الأخرى كسبب للأعراض التي تعاني منها السيدة كوجود إضطراب في وظيفة الغدة الدرقية مثلاَ.

المخاطر الصحية لانقطاع الطمث

ترتبط المخاطر الصحية لإنقطاع الطمث بشكل أساسي بانخفاض هرمون الاستروجين في فترة انقطاع الطمث مما يجعل النساء عرضة لبعض المخاطر مثل:

📍 زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب و السكتات الدماغية. حيث يساهم هرمون الإستروجين في الحفاظ علي مرونة الأوعية الدموية كما يؤدي إنخفاض الأستروجين إلي تغيرات في مستوي الكوليسترول بالدم بحيث  ينخفض HDL (الكوليسترول الجيد) و يرتفع LDL (الكوليسترول الضار) الأمر الذي يزيد خطورة الإصابة بالنوبات القلبية و تصلب الشرايين. و لكن لا يُنصح بالعلاج الهرموني للنساء بعد سن اليأس لتقليل هذه المخاطر لأنه مرتبط بمخاطر صحية أكثر.

📍زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام، وهي حالة تصبح فيها العظام ضعيفة للغاية و يمكن أن تنكسر بسهولة.حيث أن للإستروجين دور مهم في بناء العظام الجديدة. 

علاج سن اليأس

↩️ العلاج الهرموني

يتكون هذا العلاج مزيج من هرموني الإستروجين والبروجسترون و ذلك لتعويض الهرمونات المفقودة. يمكن إعطاؤه في شكل أقراص أو لاصقة جلدية أو شريحة تحت الجلد او في شكل لولب هرموني.

يمكن أن يساعد العلاج الهرموني في تخفيف العديد من الأعراض المزعجة المُصاحبة لعمر إنقطاع الطمث مثل الهبات الساخنة وجفاف المهبل ويمكن أن يساعد أيضا في الوقاية من هشاشة العظام. مع ملاحظة أن العلاج بالهرمونات لا يخلو من المخاطر مثل زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية و تجلط الأورة العميقة و سرطان الثدي، لذا عليكِ مناقشة طبيبك لتقييم مخاطر وفوائد هذا العلاج وعليك و ما إذا كانت هذه الأدوية مناسبة لك أم لا. كما يُوصى بتناول أقل جرعة من الهرمونات الفعالة لأقصر وقت ممكن. 

و يشمل العلاج الهرموني أحد الخيارات الآتية:

● حبوب منع الحمل هي أحد الخيارات المتاحة للنساء في فترة ما قبل انقطاع الطمث للمساعدة في علاج النزيف المهبلي غير المنتظم وتخفيف الهبات الساخنة. 

● العلاج بالهرمونات البديلة Hormone Replacement Therapy التي تحوي جرعة منخفضة جدًا من الإستروجين والبروجسترون هو خيار لعلاج الهبات الساخنة أو التعرق الليلي عندما تكون المرأة في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث.

● قد يوصي طبيبك بخيارات علاجية أخرى، مثل تركيب اللولب الهرموني للمساعدة في السيطرة على النزيف غير الطبيعي.

● يمكن إستعمال هرمون الإستروجين المهبلي لعلاج أعراض جفاف و ضمور المهبل. حيث يمكن إستعماله في شكل حلقة الإستروجين المهبلية أو كريم الإستروجين المهبلي أو أقراص الإستروجين المهبلية. 

↩️ العلاج الغير هرموني

بالرغم من أن العلاج الهرموني هو وسيلة فعالة للغاية لتخفيف أعراض انقطاع الطمث، إلا أنه ليس العلاج الأمثل للجميع و يجب أحيانا اللجوء للعلاجات الغير هرمونية  لتفادي مخاطر الهرمونات مثل:

● إستعمال المكملات العشبية التي تحوي الهرمونات المشتقة من النباتات  Phytoestrogens لعلاج الهبات الساخنة وأعراض انقطاع الطمث الأخرى و التي تُباع في الصيدليات و تعمل بآلية شبيهة لهرمون الأستروجين في الجسم و في نفس الوقت تُعد أكثر أماناُ. مثل فول الصويا soybean الكوهوش الأسود Black cohosh, الجينسنج Ginseng، زيت زهرة الربيع المسائية  Evening primrose oil،  فيتامين ᴇ, اليام البري Wild yam و البرسيم الأحمر red clover
مع ملاحظة أن المنتجات العشبية يمكن أن تتفاعل مع بعض  الأدوية، لذلك يجب إستشارة الطبيب قبل البدء بتناول هذا النوع من الأدوية.

● يمكن استخدام مضادات الاكتئاب لعلاج الهبات الساخنة و للمساعدة في تغيرات المزاج مثل paroxetine & fluoxetine.

● بعض الدراسات اثبتت دور مضاد الصرع gabapentin و مضاد الهيستامين cetirizine في علاج الهبـات الساخنة.

● البيسفسفونيت bisphosphonates لعلاج هشاشة العظام.

● تعديل نمط الحياة مثل الاحتفاظ بوزن صحي, و ممارسة الرياضة بانتظام والحصول على قسط كاف من النوم قد يساعد على تقليل الأعراض التي تعانين منها.

نصائح للتغلب علي أعراض سن اليأس

• اتباع بعض النصائح التي قد تساعدك في التغلب علي التعرق الليلي للحصول علي نوم جيـد مثل استخدم مروحة في غرفة النوم، ارتدِاء ملابس قطنية خفيفة و استخدم مفروشات خفيفة، استخدم منشفة مبللة لتهدئة وجهك ، و الاحتفاظ بها في متناول يدك بجانب السرير.

• تجنب المحفزات المحتملة للهبات الساخنة مثل: الأطعمة الغنية بالتوابل أو الكافيين أو الإجهاد أو الوجود في مكان حار.

•  استعمال المزلقات ذات الأساس المائي أثناء الجماع و الكريمات و التحاميل المهبلية المُرطبة لعلاج جفاف المهبل.

• يمكن التغلب علي السلس البولي بالحرص علي تفريغ المثانة بإنتظام و المواظبة على ممارسة التمارين الرياضية التي تساهم في تقوية عضلات الحوض مثل تمارين الكيجل.

•  من المهم جدًا بناء أكبر قدر ممكن من كثافة العظام قبل سن الأربعين. يمكن الحفاظ على كثافة العظام عن طريق تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم ، مثل الحليب ومنتجات الألبان. فيتامين د أيضاً مهم لأنه يساعد الجسم على امتصاص الكالسيوم.

• إجراء فحوصات بشكل دوري لقياس الكوليسترول وسكر الدم و ضغط الدم. 

• تناول الأطعمة النباتية التي تحتوي على الايسوفلافون (هرمون الاستروجين النباتي) يساعد في زيادة مستويات هرمون الاستروجين بشكل طفيف لأن الأستروجين النباتي يعمل كشكل ضعيف من هرمون الاستروجين بالتالي قد تخفف من أعراض انقطاع الطمث. من أمثلة الأطعمة المحتوية علي الايسوفلافون فول الصويا، حمص، عدس، فول، البازلاء، الجزر، البروكلي، بذور الكتان

• الحصول على ما يكفي من الكالسيوم و فيتامين د للحفاظ علي كثافة العظام من الأمور المهمة للغاية بالنسبة للمرأة التي تمر بمرحلة انقطاع الطمث حيث ستحتاجين حوالي 1500 ملليغرام من الكالسيوم كل يوم و 600 وحدة دولية في اليوم من فيتامين د للأعمار من 50 - 70 سنة، و 800 وحدة دولية في اليوم للأعمار أكثر من 70 سنة، و الحرص على التعرض لأشعة الشمس لمدة 15 دقيقة يوميًا، و ممارسة بعض التمارين الرياضية التي تعزز صحة العظام مثل المشي السريع أو الجري.

• تناول حوالي 9 ملليجرام من الحديد كل يوم. حيث تميل النساء إلى انخفاض مستويات الحديد خلال هذه المرحلة.

• شرب الكثير من الماء و التقيل من الأطعمة الدهنية و التقليل من تناول السكر و الملح لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب و الشرايين.

• التغلب علي الأرق بالمحافظة على غرفة النوم مظلمة وهادئة وباردة، مع تجنب أخذ قيلولة خلال النهار، ومحاولة الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الأوقات كل يوم.

• يمكن أن تساعد تمارين الإسترخاء مثل اليوغا او ممارسة هواية تُفضلينها او قراءة كتاب او الخروج لمكان هادئ في تحسين حالتك المزاجية.

• علي الرغم من فترة ما قبل إنقطاع الطمث تمتاز بانخفاض الخصوبة و قلة فرص حدوث الحمل بسبب عدم انتظام التبويض. إلا أنه هناك فرصة لحدوث الحمل طالما أن الدورة الشهرية ما زالت تحدث لذلك في حال عدم رغبتك في حدوث الحمل، فعليكِ استعمال وسيلة لمنع الحمل إلى أن تنقطع الدورة الشهرية لمدة 12 شهرًا.

و ختاماَ عليكِ التحلي بالأفكار الإيجابية حيال سن اليأس فهو وقت للإستمتاع بمرحلة جديدة من الحياة بدلاً من الحزن على الشباب الضائع. فبعد الانتقال إلى سن اليأس لن تعاني من أعراض و مشاكل الدورة الشهرية، ستتمكنين أيضًا من ممارسة الجنس دون القلق بشأن حدوث الحمل و ستتفرغين لنفسك فيجب عليكِ استغلال هذا الوقت لاستكشاف مصادر المتعة والفرح و ملء نفسك بالأفكار الإيجابية و حب نفسك و إحياء حياتك الجنسية.