الحمل بعد الأربعين
![]() |
الحمل بعد الأربعين |
أصبح الآن من الشائع حدوث الحمل بعد الأربعين إما بسبب تأخر الزواج او بسبب معاناة الأزواج من تأخر الحمل أو حتي حدوث حمل غير مخطط له لسيدة لديها أطفال مُسبقاً أو رغبة الزوجين في إنجاب المزيد من الأطفال.
و تتسأل العديد من السيدات عن التحذيرات و الأقاويل حول الحمل بعد الأربعين فكثيراً ما يسمعن بأنه لن تتمكن السيدة من الحمل بعد تجاوزها لعمر الأربعين و أنه لم يعد بإمكانها إنجاب أطفال أصحاء بعد هذا العمر و عن مدي صحة هذه الأقاويل.
و الحقيقة ان الخصوبة تنخفض بشكل كبير لدي النساء بعد الأربعين و السبب في ذلك هو تناقص عدد البويضات الموجودة في المبيض مع تقدم العمر من جهة و قلة جودتها من جهة ثانية -أي إحتوائها علي طفرات جينية- مما يؤثر بشكل كبير على حدوث الحمل واستمراريته. حيث تولد المرأة بنحو مليون الي مليوني بويضة، وعند البلوغ يقل عددها إلى حوالي 400 ألف، و يُفقد عددا منها مع كل دورة شهرية إلى أن يصل مخزون المرأة من البويضات إلى 1000 بويضة فقط عندما تبلغ سن الـ 51 عاما، مما يؤدي إلي انخفاض في مستوى الخصوبة. وهكذا تقل فرص حدوث الحمل كل شهر تدريجيا، لتصل إلى 5% فقط في كل دورة شهرية بين النساء في عمر الـ 40، مقارنة بإحتمالية حدوث الحمل بنسبة 25% في كل شهر لدي النساء في عمر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات، و تنخفض نسبة حدوث الحمل بعد عام من المحاولة من 85% للنساء اللواتي تقل أعمارهن عن 35 عام، إلي 40% للنساء ما بعد الأربعين للأزواج الأصحاء الذين لا يعانون من أية أسباب أخري لتأخر الحمل. مع ذلك تنجح الكثير من حالات الحمل بعد سن الأربعين بشكلٍ طبيعيٍ بدون أية مساعدات. و بالطبع قد يحدث الحمل, وقد لا ينتهي بالإجهاض, وقد يكون الجنين بحالة جيدة وطبيعية, ولكننا هنا نتحدث عن نسب، وإحصاءات الهدف منها أن تكون السيدة واعية تماما لكل الاحتمالات, وعلى علم مسبق بالفرصة المتاحة لنجاح الحمل.
مخاطر الحمل فوق سن الأربعين
يعتبر الحمل والولادة بعد عمر الأربعين من الأمور الدقيقة التي تتطلب عناية طبية زائدة تبعاً للمضاعفات التي يمكن أن ترافق فترة الحمل والولادة خلال هذه المرحلة العمرية، و علي الرغم من وجود حالات عديدة لسيدات تجاوزن عمر الأربعين وأنجبن أطفالاً يتمتعون بصحة جيدة إمّا بشكلٍ طبيعيٍ أو من خلال الاستعانة بطرق أخرى لإتمام الحمل، إلا انه هناك تزايد في نسبة حدوث بعض المخاطر مثل:
● إرتفاع نسبة الإجهاض( فقدان الحمل قبل الأسبوع 24) ويكون السبب غالبا مشاكل الكروموسومات (الصبغيات) في الجنين و ذلك بسبب قلة جودة البويضات المتبقية في المبيض في هذا العمر اي انها تُعاني من إختلال في المادة الجينية. حيث تزداد احتمالية حدوث الإجهاض مع تقدم العمر ل40% مقارنة بحدوثه بنسبة 15% للنساء في عمر العشرينيات.
● وفاة الجنين في رحم الأم.
● الولادة المبكرة
● زيادة احتمال حدوث بعض المشاكل الطبية كالسكري و أمراض الأوعية الدموية مثل ارتفاع ضغط الدم و هو أحد الأسباب التي تجعل النساء فوق سن الأربعين أكثر عرضة للمعاناة من تسمم الحمل.
● خلل الغدة الدرقية
● زيادة احتمالية حدوث الاورام الليفية و الزوائد اللحمية في هذا العمر
● ارتفاع معدلات انفصال المشيمة عن جدار الرحم قبل الاوان و حدوث المشيمة المنزاحة عندما تغطي المشيمة عنق الرحم جزئيا أو كليا، مما يجعلها أكثر عرضة للنزيف أثناء الحمل و أثناء الولادة.
● اضطراب الكروموسومات تكون أكثر شيوعا في هذا العمر أشهرها متلازمة داون إذ تزداد خطورة إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون مع تقدم المرأة في العمر و زيادة فرص تشكل العيوب الخلقية الأخري في الأجنة. حيث أنه لدى جميع النساء نسبة من البويضات غير الطبيعية وراثيًا، و تشكل البويضات الطبيعية حوالي 75% من البويضات في سن 25 و تنخفض هذه النسبة مع تقدم السيدة في العمر ل 45% عند عمر ال 35 عام لتصل لحوالي 20 - 30% بحلول سن ال40، وهذا يعني أنه حتي إذا تم تخصيب هذه البويضات، فلن ينتهي الحمل بطفل حي أو طبيعي وراثيًا. وهذا أحد الأسباب التي تجعل معظم الأطباء يوصون بإجراء اختبارات جينية في الحمل لحالات مثل متلازمة داون بعد سن الخامسة والثلاثين.
● زيادة إحتمالية الخضوع لعملية قيصرية و الحاجة للوسائل المساعدة أثناء المخاض. حيث بينت بعض الدراسات أنه كلما تقدم سن الأم ضعفت قدرة العضلات المرنة بالرحم على الانقباض مما يؤدي إلي تباطؤ المخاض و زيادة احتمالات اللجوء إلى الولادة القيصرية. او بسبب المشاكل الطبية التي تعاني منها الأم في هذه المرحلة العمرية خلال فترة حملها.
● ولادة طفل بوزن أكبر أو وزن صغير
● تزامن اضطراب كروموسومات الحيوانات المنوية مع تقدم عمر الزوج، علي الرغم من ان تقدم عمر الزوج يكون له تأثير أقل من تقدم عمر الزوجة في عملية إنجاح الحمل.
طرق زيادة فرص الحمل بعد الأربعين
علي الرغم من إرتباط الحمل بعد الأربعين ببعض المخاطر، مع ذلك يجب ان لا يُمانع الطبيب حدوث الحمل في حال رغبة الزوجين في إنجاب طفل، بل يجب مساعدتهما في تحقيق هذا الهدف والحصول على حمل صحي قدر الإمكان.
و نظرًا لتناقص فرص الحمل الطبيعي بعد الأربعين فهناك بعض الطرق التي قد تساعد على زيادة خصوبة المرأة بعد الأربعين و تشمل:
• يُنصح بعدم التأخر في طلب المساعدة الطبية إذا لم يحدث الحمل خلال 6 أشهر من المحاولة بعد تجاوز عمر الزوجة ال 35 عام.
• مراجعة الطبيب قبل الحمل و إجراء الفحوصات الطبية اللازمة للتأكد من عدم وجود أي مشاكل صحية تعاني منها الأم قد تؤثر على سلامة الحمل، و علاج او ضبط اي مشاكل صحية موجودة كالضغط و السكري و مشاكل القلب و الكلي...
• الحرص علي علاقة زوجية منتظمة بمعدل مرتين إلي 3 مرات في الأسبوع علي الأقل، مع تتبع أيام التبويض و الحرص علي الجماع يومياً او كل يومين خلال هذه الفترة.
• تقييم مخزون البويضات من خلال تحليل AMH و عد الجريبات الاولية بالسونار المهبلي في اول أيام الدورة الشهرية و استبعاد الاسباب الأخري لتأخر الحمل مثل التهاب قناة فالوب، أو تليف في الرحم، أو التهاب عنق الرحم و مشاكل الزوج و غيرها.
• تناول حمض الفوليك قبل وخلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل للوقاية من بعض تشوهات الأجنة و كذلك ثبُت دوره في تحسين جودة البويضات من خلال التقليل من حدوث اختلال الكرموسومات.
• تناول الفيتامينات و المكملات الغذائية التي تعمل علي تحسين جودة البويضات مثل فيتامين د و DHEA و مرافق الإنزيم كيو و غيرها.. خاصة في فترة ما قبل التنشيط او قبل الحقن المجهري بحوالي 3 أشهر لزيادة فرص نجاحها.
• اتباع أسلوب حياة صحي للحصول علي تجربة صحية و آمنة من خلال اتباع بعض النصائح مثل:
1. تناول نظام غذائي متوازن.
2. تجنب الأطعمة المصنعة.
3. تجنب الكافيين قبل وأثناء الحمل.
4. التحقق من الوزن الصحي.
5. الإقلاع عن التدخين.
6. تجنب التعرض لأي ملوثات او مواد كيمائية.
7. تجنب التعرض للتوتر و للضغوطات النفسية
8. ممارسة الرياضة بانتظام.
9. الحصول علي قسط كافي من النوم.
• استخدام منشطات التبويض الأدوية تحت إشراف الطبيب المختص لزيادة معدلات الحمل. حيث تسمح بخروج عدة بويضات ناضجة في نفس الوقت. ويمكن إعادة محاولة تنشيط المبايض كل شهر لعدة أشهر إذا لم يحدث حمل من أول مرة. مع ملاحظة أن استجابة البويضات الموجودة لمنشطات التبويض تكون أقل من المعتاد، و السبب هو أن البويضات التي تتبقى في المبيض إلى هذا العمر تكون بجودة أقل من البويضات التي خرجت من قبل، و صبغياتها (الكرموسومات) أكثر عرضة للطفرات الوراثية. و هذا ما يخفض نسبة الحمل و يرفع من نسبة الإجهاض.
• الحقن المجهري: في حال تبين أن عدد البويضات منخفض جداً او مع تكرار فشل الأدوية المُنشطة في حدوث الحمل فقد تساعد وسائل الإخصاب المُساعدة المرأة بعد الأربعين على الإنجاب، حيث يتم تحفيز المبيضين لإنتاج البويضات و تلقيحها باستخدام الحيوانات المنوية داخل المختبر ثم يتم إرجاعها للرحم، و تصل نسب نجاح الحقن المجهري لحوالي 10% في النساء اللواتي تترواح أعمارهم بين 40 - 42 عاماً و 5% لمن تتراوح أعمارهن بين 43 - 44 عاما، و 2% للواتي أعمارهن 45 عام او أكثر.
• تجميد البويضات: يمكن للنساء تجميع البويضات عندما تكون في سن صغير، والاحتفاظ بها إلي ان تنوي الحمل. حيث يُمكّن ذلك الحصول علي بويضات بجودة جيّدة مما يزيد من فرص نجاح الحقن المجهري فيما بعد.
• في حالة الحمل بالحقن المجهري يمكن إستخدام تقنية فحص المادة الجينية للجنين قبل الإرجاع و التي تساعد في تقليل حدوث اضطرابات الكرموسومات و التشوهات الخلقية للأجنة.
• عند حدوث الحمل يُنصح بالمتابعة الدورية للحمل بإعتبار انه من الأحمال عالية الخطورة لإكتشاف و علاج أي مضاعفات قد تحدث، و يجب إجراء الفحوصات الطبية التي لها دور في الكشف عن أيّة تشوهات خلقية في الجنين مثل قياس سمك مؤخرة رقبة الجنين عند بلوغ الحمل الأسبوع 11 - 13، و التي تبلغ دقتها في كشف متلازمة دوان حوالي 85٪, و عمل تحليل الدم للسيدة الحامل لفحص صبغيات خلايا الجنين مبكرا ابتداءً من الأسبوع 10، و تبلغ دقة هذا التحليل في تشخيص اضطرابات كرموسومات الجنين لحوالي 99٪ , أي أنه دقيق جدا. كما يمكن أخذ عينة من السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين عند بلوغ الحمل 16 أسبوعا و فحص كرموسومات الجنين و التي تعتبر طريقة دقيقة جدا في اكتشاف وجود أي خلل في المادة الجينية للجنين. و إجراء سونار تفصيلي في الأسبوع 18 - 22 من الحمل للكشف عن التشوهات الخلقية للجنين.
• تنصح الآن بعض المراكز بشكل روتيني بالولادة القيصرية و تجنب المخاض للنساء المتقدمات في السن، و أن لا تتعدي فترة الحمل 39 و40 أسبوعا كحد أقصى لتفادي المُضاعفات المُحتملة بسبب المشاكل الطبية التي قد تُعاني منها السيّدة في فترة حملها.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك هنا